جهود تُبذل في مدينة طرابلس حمايةً للأطفال من العمل
اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال: حملة توعوية للأطفال
جهود تُبذل في مدينة طرابلس حمايةً للأطفال من العمل
اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال: حملة توعوية للأطفال
” كمال بيشتغل عندي من سنة تقريباً، هو مضطر بما انه بيّو وامّو مش قادرين وحدن يأمّنو لوازم العيلة وهوي الكبير واكيد هيك بصير رجّال”. هكذا كان رد رب العمل خالد، صاحب كراج سيارات ( ميكانيكي) في منطقة الميناء – طرابلس، الذي يعمل لديه كمال البالغ من العمر 14 سنة.
يشارك خالد، قصة كمال الذي اضطر إلى العمل لدعم عائلته لتأمين قوتهم اليومي معلّقاً: “حرام بعدو زغير يتحمّل مسؤولية، بس عم يتعلّم عندي مصلحة بلا مقابل وعم أعطيه معاش كمان”، معترفًا بالواقع القاسي الذي يواجه الكثير من الأطفال مثل كمال ويجدون أنفسهم في ظروف مماثلة.
تُجسّد طرابلس بشوارعها الحيوية، واقعًا مأساويًا يتمثل في رؤية الأطفال يشاركون في أعمال شاقة بشكل متكرر، من العمل في مواقع البناء إلى نقل الأحمال الثقيلة، تُحمَّل هذه الأرواح الصغيرة وزر الصعوبات المالية وإهمال المجتمع، مضحّين بطفولتهم من أجل البقاء.
ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية خلال السنوات الأربع الماضية، ارتفعت نسبة انتشار عمل الأطفال بشكل مثير للقلق، خاصة في طرابلس، واحدة من أفقر المدن في المنطقة،
فمع الصعوبات التي تواجه العائلات في تأمين قوت يومها، يجد الأطفال أنفسهم غالبًا مضطرين لترك دراستهم والتحوّل إلى أعمال تتطلب جهداً بدنياً كبيراً للمساهمة في دخل الأسرة.
وفقاً لمنظمة اليونيسف، يعمل حوالي 160 مليون طفل في جميع أنحاء العالم، مع التوقعات بارتفاع هذا الرقم.
ردًا على هذه الأزمة العالمية، أطلقت الأمم المتحدة في العام 2022 شعار “الحماية الاجتماعية الشاملة لإنهاء عمل الأطفال”، مدركةً ضعف الأطفال كأكثر الأفراد تهميشاً في المجتمع.
داخل مدينة طرابلس وفي مناطق محددة مكتظة بمحلات تجارية تم رصد 1120 طفلاً عاملاً ومن الملاحظ مؤخراً إرتفاع عدد الطفلات العاملات، وهذا الرقم متوقع أن يتزايد نتيجة للازمات الاقتصادية والاجتماعية والصحية المستمرة، على الرغم من النصوص التشريعية اللبنانية التي تفرض التعليم للأطفال وحمايتهم، إلا أن التطبيق لا يزال ضعيفاً، حيث تفتقر السلطات الرسمية إلى إدراك الأولويات في ضمان حقوق ورفاهية هؤلاء الأطفال.
نتائج عمل الأطفال تتراوح بين الإصابات البدنية والصدمات النفسية، نذكر مثلاً حيّاً عن طفلٍ لم يتجاوز عمره ال11 سنة، أصيب بحروقات بالغة بعد انفجار موتير سيارة يعمل عليها. هذا الحدث يُعتبر واقعاً مؤلماً حول التأثيرات المباشرة وغير المباشرة لعمل الأطفال على الأرواح البريئة المنتهك حقوقها.
أمام ازدياد ظاهرة عمل الأطفال في طرابلس، برز بصيص نور من خلال مبادرات تقوم بها بلدية طرابلس، جمعيات محلية ومنظمات دولية والمجتمع المحلي.
ففي العام 2019 ومع إزدياد ظاهرة عمل الأطفال في مدينة طرابلس وإستغلال الأطفال بالتسوّل، وضعت بلدية طرابلس بالتعاون مع منظمة اليونيسف خطة “تخفيض نسبة عمل الأطفال في طرابلس” ومن ضمن بنودها تشكيل مجموعة عمل (Task Force) من أجل مساندة البلدية في تنفيذ هذه الخطة، لمعالجة ظاهرة عمل الأطفال في المدينة، مع التركيز على مكافحة أسوأ أشكال العمل.
هذه المجموعة التي تُساند البلدية تقنياً، تضم ممثلين عن بلدية طرابلس وجمعيات محلية ومنظمات دولية ووكالات من الأمم المتحدة، ولجان من المجتمع المحلي، ومجموعات الدعم التي تضم أطفالاً وأهالٍ ومربين.
الأهداف التي تعمل عليها ال Task Force هي:
– تعزيز قدرات السلطة المحلية
– تحقيق التوعية والتثقيف
– توطيد التعاون بين الجهات المعنية
– الدعم والخدمات المتخصصة
– تشجيع المشاركة الفعّالة للأطفال والمجتمع
بالاضافة إلى الجهود والأنشطة التي تنفذها مجموعة ال Task Force، من إقامة فعاليات سنوية وورش العمل، وإنشاء مرافق آمنة مثل الغرف الآمنة في الحدائق منها الغرفة الآمنة في حديقة الملك فهد، وتقديم الدعم لأصحاب العمل من أجل توفير بيئة عمل آمنة وصحية للأطفال، تهدف هذه الأنشطة إلى بناء مجتمعات أكثر تفهماً وتضامناً، حيث تكون مصلحة الطفل والحماية من العمل في صدارة الأولويات.
بناءً عليه وبمناسبة “اليوم العالمي لمكافحة عمل الأطفال”، نظمت الTask Force يوم الأربعاء في 12 حزيران / يونيو 2024، في حديقة الملك فهد، أنشطةً للأطفال تهدف إلى زيادة الوعي لديهم عبر التعرّف على مفهوم عمل الأطفال، والقوانين، والمخاطر والعوامل الوقائية، وإكتسب الأطفال معلومات جديدة من خلال إستمتاعهم بالأنشطة الترفيهية.
شارك في هذا الحدث ممثلو ال Task Force، ومجموعة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و14 عام